لماذا تطمئن ضمائر صنّاع القرار في عواصم أوروبا وأميركا وهم يصطفون مع إسرائيل -يدًا في يد وكتفًا بكتف- وهي تشنّ حرب إبادة صليبية لا رحمة فيها ضد آخر حصون المقاومة الفلسطينية؟

حرب الإبادة لا جديد فيها إذا نظرنا إليها من المنظور الأوروبي – الأميركي أو بمنظار الحضارة الغربية من أثينا، ثم روما، ثم إسبانيا، ثم البرتغال، ثم هولندا، ثم فرنسا، ثم بريطانيا، ثم ألمانيا، ثم أميركا، ثم الصهيونية، حضارة تأسَّست على العنف، وعلى تفوق الغرب، وعلى النظرة المتدنية لكل من هو غير غربي أو غير أبيض.

فهو – في نظر الغرب – بربري وهمجي أو متخلف أو وثني، وهذه كلها مبررات تسوغ جريمة الإبادة بقلب مطمئن، تبيض وجهها وتنزع عنها ما فيها من إثم، ثم تضفي عليها وصف المهمة المقدسة أو الواجب المقدس.

عنف واستعلاء ملازمان للحضارة الغربية في كل أطوارها، يصاحبانها، وهي وثنية، وهي مسيحية، وهي استعمارية، عنف لم يفارقها في لحظة، إذا لم تصدره خارجها وضد الأغيار مارسته ضد نفسها بين قبائلها، ثم بين مذاهبها الدينية، ثم بين قوميّاتها، ثم بين إمبراطورياتها التي تصارعت واقتسمت النفوذ والنهب والسيطرة على القارات الستّ.

 

إبادة مادية ومعنوية

الغرب لا يعيش بغير حرب، والحرب لا تكتفي فقط بكسر شوكة الخصم، لكن تتطور إلى إبادته، سواء بشكل مادي يعني مسح الخصم من فوق وجه الأرض وإلغاء وجوده وحضوره في دفاتر التاريخ، أو إبادته بشكل معنوي؛ أي نزع فاعليته بصورة حاسمة ومسخ هُويته وإفقاده الثقة في نفسه، وتدفعه للتنكر لذاته والانسلاخ من جوهره والدوران الذليل في فلك الغرب المنتصر والقائد، من موقع المنهزم التابع، ونفسيته المنسحقة، وذهنيّته المشوهة، وروحانيته المنحطة.

نجح الغرب في كلا النوعين من الإبادة المادية والمعنوية في مواجهة الشرق (العربي – الإسلامي)، فخرج –باستثناء المقاومة الفلسطينية- من دائرة المواجهة، وأصبح يدور –باستثناءات هامشية– في أفلاك الغرب المنتصر، وما الصهيونية إلا ممثل حصري لهذا العنف والتفوق والاستعلاء الغربي.

الغرب –في فلسطين– يخوض معركته الأزلية منذ اليونان، والرومان، وحتى الصليبيين والفرنسيين والإنجليز إلى الأميركان. الصهيونية –في جوهرها– تخوض معركة الغرب، أو هي حلقة في مسلسل العنف الغربي الذي لم يتوقف تصديره إلى الشرق: قديمه وحديثه.

يتساوى المعنى حين نقرر أن الغرب يخوض معركة الصهيونية مع المعنى حين نقرر أن الصهيونية تخوض معركة الغرب، الصهيونية – بشكلها الذي نعرفها عليه – هي أداة مهمة من أدوات الغرب في السيطرة على الشرق، ولو لم تكن الصهيونية موجودة في هذا المكان، وفي هذا التوقيت لكان الغرب قد اخترع –دون تردد– ما يحل محلها ويقوم مقامها وينوب عنها ويؤدي دورها.

لا حياة للغرب دون وضع الشرق العربي الإسلامي في القفص، وهو يؤدي هذه المهمة عن طريقين: توظيف الصهيونية، وتوظيف من يقبل التوظيف من بعض حكام الشرق، وبعض نخبه السياسية والفكرية والاقتصادية، فلم تعد الصهيونية في الخدمة وحدها، ولم تعد الصهيونية يهودية فقط، فقد تضافرت معها روافد عربية وإسلامية.

وهذا يفسّر لك المعضلة الكبرى: لماذا يصطفّ الغرب كله –بزعامة أميركا– مع إسرائيل، كما يفسّر لك لماذا يتخلّى الشرق العربي – الإسلامي كله عن المقاومة الفلسطينية.

 

جبهة واحدة

الغرب – مع الصهيونية يتصرف كجبهة واحدة، كحلف واحد، يربطه توافق على مبدأ أن هزيمة إسرائيل لا تجوز، وأن المساس بأمنها غير مسموح به، وأن تهديد وجودها من جذوره هو خطر يتهدد الغرب ذاته، وذروة هذا الحلف هو الإجماع على قيادة أميركا لا ينازعها منازع ولا يخرج عن مظلتها خارج، وهي –بذاتها– مخلصة لدورها القيادي كإمبراطورية وريثة للعنف والتفوق والاستعلاء الغربي.

الرئيس الأميركي إمبراطور كونيّ فعلي يملك صلاحيات لم يسبق أن ملكها إمبراطور من قبل، لا الإسكندر، ولا قيصر، ولا هارون الرشيد، ولا سليمان القانوني، ولا الملكة فيكتوريا، ورغم كل ما يقال عما في النظام السياسي الأميركي من توازن ورقابة متبادلة بين السلطات، فإن مساءلة الرئيس أمام الكونغرس لا تحد من سلطاته، فوزنه السياسي في أميركا والعالم –في نهاية المطاف– من وزن البنتاغون، من وزن وزارة الدفاع، من وزن القدرة غير المسبوقة في التاريخ على عسكرة الكون: برِّه وبحره وجوّه وفضائه الأبعد. الإمبراطورية تقود الغرب كله – بمن فيه الصهيونية – لتصفية آخر أنفاس الهُوية المستقلة غير المنسحقة أمام هيمنة الغرب والصهيونية في الشرق.

عُمر إسرائيل هو عُمر القيادة الأميركية، كلاهما من علامات القرن العشرين، وهو القرن الذي تلاشت فيه آخر رابطة عالمية تربط المسلمين، ففي مثل هذا الأسبوع من عام 1924م سقطت آخر خلافة إسلامية، سقطت بعد أن عاشت سبعة قرون، منها قرنان في تكون وتشكيل، وثلاثة قرون في ذروة التمكين، وقرنان في الهبوط بالتدريج.

وفرت على مدى ثلاثة قرون حوائط صد تحمي الشرق الإسلامي من الغرب المسيحي، بدأت الأفول الفعلي مع غزو بونابرت لمصر 1798م، لم تصده عن مصر، لكن حين تحرك من مصر قاصدًا الشام ومنه القدس، كانت جيوشها في انتظاره وارتدّ على أعقابه، وفشلت أوّل صهيونية حديثة.

 

صدمة وتخاذل

كذلك عندما تحرّكت قوات الحلفاء من مصر قاصدة الشام – وفي القلب منه القدس- كانت القوات العثمانية تعسكر في انتظارهم على جبهة سيناء، وقد انهزموا أمام قوات الجنرال اللنبي في معركة بئر السبع في 31 أكتوبر/تشرين الأول 1917م، وخرج يواصل زحفه –الذي عجز عنه بونابرت– إلى القدس.

آثرت القوات العثمانية الانسحاب من المدينة حتى لا يتم تدميرها، إذا دارت الحرب على أسوارها، خرجوا منها بعد أن وفروا لها الحماية لمدة 673 عامًا، ودخلها الجنرال اللنبي، فارتفعت في روما أجراس الكنائس، ومن ذاك التاريخ التاسع من ديسمبر/كانون الأول 1917م والقدس في عهد الصليبية الجديدة، والصليبية الجديدة تتكفل بضمان وجود وبقاء وتفوق الصهيونية.

لا فرق بين مهمة الجنرال اللنبي والرئيس الأميركي –أو إمبراطور الغرب الأخير– بايدن أو من قبله أو من بعده، أي جنرال مسيحي كان سيفعل ما فعله الجنرال اللنبي، وأي رئيس أميركي سوف يفعل ما يفعله الرئيس الحالي، وقلْ مثل ذلك عن أي حاكم غربي، فلا فرق بين بطرس الناسك 1050 – 1115م، ولويس التاسع 1212 – 1270م، ونابليون بونابرت 1769 – 1821م، والرئيس الحالي إيمانويل ماكرون المولود في عام زيارة الرئيس السادات للقدس 1977م.

كذلك لا فرق بين الملك الألماني فريدريك الثاني 1194 – 1250م، الذي أعاد استرداد القدس بعدما حررها صلاح الدين، لا فرق بينه وبين الرئيس الألماني ووزيرة خارجيته الحاليين إلا في أن فريدريك الثاني –بكل صليبيته– كان أكثر تعقلًا وأقل تعصبًا من قادة ألمانيا الحاليين، فهو لم يسترد القدس في أحضان الصليبيين بالحرب، ولكن استغل الانقسامات والصراعات الدموية بين ورثة صلاح الدين وحصل عليها –سلمًا وهديةً وعربون صداقةٍ وتحالفٍ– من الملك الكامل 1177 – 1233م.

ويصف المؤرخ الدكتور قاسم عبده قاسم في ص 118 من كتابه " في تاريخ الأيوبيين والمماليك " هذه الواقعة بقوله: " لقد جاء فريدريك الثاني بجيش هزيل، وفي عنقه قرار الحرمان البابوي، ولكنه عاد بمكاسب لم تستطع أي حملة صليبية أخرى أن تحققها منذ نجاح الحملة الصليبية الأولى التي احتلت القدس في السنوات الأخيرة من القرن الحادي عشر الميلادي ".

ثم يقول في ص 119: " كانت الصدمة عنيفة على العالم الإسلامي، إذ إن سياسة التخاذل والخوف التي سار عليها السلطان الكامل، قد آتت ثمارها المُرة في هذه المعاهدة الفضيحة، فقد سلم –دون قتال– كل ما فتحه المسلمون أيام جَده صلاح الدين الأيوبي بعد حروب استرداد طويلة ".

 

وعي فاسد

المقاومة الفلسطينية التي صمدت شتاء 2023م – 2024م أمام تحالف الصليبية – الصهيونية، هي آخر أنفاس صلاح الدين؛ أي آخر الوعي الصحيح بجوهر الصراع، الصراع بين الشرق الإسلامي كله، والغرب المسيحي كله، وليس صراعات بينية داخلية بين مسلمين ومسلمين، في مقابل نموذج الوعي الفاسد الذي يمثّله الملك الكامل –ابن شقيق صلاح الدين– حيث تضطره صراعاته بين أشقائه الأيوبيين إلى التحالف مع العدو الإستراتيجي، ثم يكون تسليم القدس للصليبيين –كهدية– ثمن هذا الوعي الفاسد والتحالف الخاطئ.

انظرْ حولك في عواصم العروبة والإسلام، ترَ الملك الكامل حيًا لم يمت. الوعي الفاسد، التحالفات الخاطئة، سلاح فاسد، سلاح يرتد إلى صدر الأمة.

الوعي الفاسد، أو نموذج الملك الكامل، يقف وراء: محنة المقاومة، الخذلان العربي الإسلامي، الانسحاب الصامت من اعتبار القضية الفلسطينية قضية الأمة بكاملها وليس الشعب الفلسطيني فقط. وأعباؤها يلزم توزيعها على كل العرب والمسلمين.

وأخطر من كل ذلك، فإن الوعي الفاسد وراء عدم تسكين إبادة المقاومة في مكانها الصحيح، هي جزء من تاريخ، كما هي جزء من مشروع، كما هي جزء من مستقبل أو هي –الإبادة– آلية معتمدة من آليات الغرب للتعامل معنا، أو للتعامل مع من تراه خطرًا عليها.

إيان لوو Ian Law باحث في دراسات العرقية والعنصرية، وهو مؤسس ومدير مركز دراسات العرقية والعنصرية في جامعة ليدز بالمملكة المتحدة، له كتاب مهم تمت ترجمته إلى العربية تحت عنوان: " العنصرية والتعصب العرقي من التمييز إلى الإبادة الجماعية "، في الفصل الأول يشرح جذور فكرة التفوق العرقي بما أنها إحساس بالتميز ينتج عنه استعلاء الذات ثم ازدراء الآخرين، مركب الاستعلاء مع الازدراء يترتب عليه عنف، والعنف يصل إلى الإبادة، ثم الإبادة يترتب عليها مقاومة. وهو في (صفحة: 54) يؤرخ لها –أي الإبادة الجماعية– في النظام العالمي الحديث منذ مطلع القرن الخامس عشر فصاعدًا، إذ حفرت العرقية والتعصب العرقي لنفسها مكانًا في ذاكرتنا وفهمنا للعالم عبر أشكال من الإبادة الجماعية.

 

عبودية أطلسية

وتتضمن هذه الأشكال عمليات القتل الجماعي للسكان الأصليين في الأميركتين وأستراليا في سياق الاستعمار الاستيطاني؛ أي الغزو والاحتلال وإحلال المستوطنين المستعمرين محل أهل المكان الأصليين، كذلك الإبادة الجماعية عبر ما يسمى العبودية الأطلسية، وهي جلب الرقيق –قسرًا– للعمل في مزارع المستوطنين –قهرًا– وقد ترتب على هذه العبودية مقتل من 15 إلى 20 مليون إنسان.

وحتى نفهم حرب الإبادة الجارية ضد الفلسطينيين، يلزمنا وضعها في سياقها الصحيح: استعمار استيطاني يتخلص بكل سبيل ممكنة من أهل البلاد الأصليين. وحتى نفهم موقف الغرب المشارك –بكل ما يملك– في الإبادة يلزمنا فهم أن سلوك الإبادة ليس طارئًا ولا عابرًا ولا هامشيًا ولا دخيلًا على الغرب، بل هو جذر تاريخي متجدد متأصل متواصل.

فلولا الإبادة ما تأسست رأسمالية الغرب، ولولا الإبادة ما تأسست الدولة القومية في الغرب، ولولا الإبادة ما تأسس الاستعمار الغربي، ولولاها ما ترتب على الاستعمار من ديمقراطية وثورات علمية وتكنولوجية، ثم لولاها ما كان الغرب هيمن على العالم الحديث، وأعاد تشكيله وفق هواه، وتظل الإبادة جاهزة لتوضع في الخدمة الفعلية كلما لزم الأمر في الحاضر والمستقبل. أو ما يسميه إيان لوو Ian Law القتل الجماعي أحادي الجانب. (ص 53). ثم يذكر بعض أمثلة الإبادة:

1- في منطقة الكاريبي –فيما يعرف الآن بهاييتي وجمهورية الدومينيكان– كان يسكنهما ثمانية ملايين إنسان عندما دخلهما المستعمر الإسباني، ثم في خلال ثلاثين عامًا فقط، نجح القتل الجماعي أحادي الجانب في إفناء الملايين الثمانية، حتى لم يتبقَّ منهم غير عشرين ألفًا فقط.

2- كندا والولايات المتحدة كان يسكنهما نحو عشرة ملايين، قبل أن يستعمرهما الفرنسيون والإنجليز، ثم على مدى خمسة قرون، تم إفناؤهم، فلم يتبقّ منهم غير 237 ألفًا فقط، قتل رسمي برعاية الدولة ذاتها: قتل مباشر، تفشي أوبئة، مجاعات، سرقة أطفال، مصادرة الغذاء، وحرمان السكان الأصليين من مواردهم.

3- في عام 1788م كان سكان أستراليا الأصليون سبعمائة وخمسين ألفًا (ثلاثة أرباع المليون)، جرت إبادتهم حتى لم يتبقّ منهم عام 1911م غير واحد وثلاثين ألفًا فقط، بالأساليب نفسها: مذابح منظمة، حملات إبادة، أمراض فتاكة، مجاعات، سرقة أطفال، مصادرة موارد.

4- جزيرة تسمانيا – من جزر أستراليا – عام 1804م كان يعيش عليها قبل دخول المستعمرين الإنجليز أربعة آلاف وخمسمائة، وفي غضون ثمانين عامًا – حسبما يقول المؤلف – تمت إبادة كل من تجري في عروقهم دماء أصحاب الأرض الأصليين، فقد قُتل آخر رجل عام 1869م، ولقيت آخر امرأة حتفها في عام 1876م، ولم يبقَ على قيد الحياة إلا بعض المهجّنين، أي من زيجات مشتركة.

كان المستعمرون يقومون برحلات صيد بتصويب رصاص البنادق، ثم إطلاقه في عيون السكان الأصليين، كان تسميم الطحين سلوكًا معتادًا من المستعمرين ضد السكان الأصليين. (ص 58).

5- نموذج أكثر حداثة، أول عملية إبادة جماعية افتتح بها القرن العشرون، باكورة أعمال الألمان في سجل الإبادة، ففي ناميبيا كان شعب الهيريرو يبلغ عدده ثمانين ألفًا، أبادهم الألمان حتى لم يتبقّ منهم غير ستة عشر ألفًا.

 

يختتم المؤلف هذا الجزء من الفصل الأول بملاحظتين في قمة الشجاعة:

الأولى: الإبادة الجماعية الاستعمارية استهدفت الاستيلاء على الأرض، والموارد الطبيعية والبشرية، ومن ثم كانت حجر الزاوية في بناء الرأسمالية.

الثانية: التطور الديمقراطي كان يسير، يدًا بيد، مع عمليات القتل الجماعي الذي تأسست عليه إمبراطوريات الإسبان، والبرتغاليين، والهولنديين، والإنجليز، والفرنسيين، وأضيف إليه الأميركان والصهاينة.

__________________

أنور الهواري، ديمقراطيات الإبادة الجماعية، الجزيرة نت، 7 مارس 2024، https://2u.pw/oyfLkDam

أعدت هذه الدارسة بتكليف من لجنة الجمعية العامة للأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، كما قام بالبحث والصياغة بدقة المركز الأيرلندي لحقوق الإنسان التابع لجامعة أيرلندا الوطنية غالواي، وأنشئت هذه اللجنة عام 1975 عملًا بقرار الجمعية العامة رقم (3376). وطلبت الجمعية العامة أن توصي اللجنة بوضع برنامج تنفيذي من أجل تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه غير القابلة للتصرف المتمثلة في تقرير المصير دون تدخل خارجي، وفي الاستقلال والسيادة الوطنيين؛ وفي العودة إلى دياره وممتلكاته التي شُرِّد منها.

مقدمة:

يُعدّ الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967 الحقيقة الوحيدة التي نشأت عليها أجيال من الفلسطينيين. ولا يزال لهذا الوضع آثار بعيدة المدى على حياة الشعب الفلسطيني وحقوقه. ويتعين علينا، كمجتمع دولي، أن نعمل على تعميق فهمنا للمسائل القانونية التي يثيرها هذا الاحتلال الذي طال أمده وتأثيره العميق على حقوق الإنسان والسلام والاستقرار في المنطقة.

وإزاء هذه الخلفية، فإن الدراسة حول شرعية الاحتلال الإسرائيلي تسُدُّ ثغرة معرفية بالغة الأهمية. يطمح هذا التحليل القانوني الشامل إلى المساهمة في خطاب مستنير، وتمكين الأفراد والمؤسسات بتزويدهم بالمعرفة والأدوات للدفاع عن العدالة والمساءلة وإعمال الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني. ومن خلال دراسة الصكوك والاتفاقيات والقرارات القانونية الدولية ذات الصلة، توفر الدراسة أيضًا تقييمًا شاملًا للالتزامات والمسؤوليات القانونية الملقاة على عاتق قوة الاحتلال والأطراف المعنية.

وتؤكد هذه الدراسة أيضا الحاجة الملحة إلى التوصل إلى حل عادل ودائم يستند إلى القانون الدولي لقضية فلسطين بجميع جوانبها. كما تسلط الضوء على ضرورة التمسك بمبادئ القانون الدولي، بما في ذلك احترام حقوق الإنسان وتقرير المصير وحظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة. وهذا الفهم أمر بالغ الأهمية لتهيئة بيئة مواتية تمهد الطريق لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإعمال حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف.

علاوة على ذلك، لا يمكن إغفال طبيعة هذه الدراسة التي جاءت في حينها في وقت تعمل فيه إسرائيل على تعميق استعمارها وضمها الزاحف للأرض الفلسطينية المحتلة. وفي مشهد عالمي سريع التغير حيث تستمر الديناميات الجيوسياسية في صياغة مضمون النقاش حول قضية فلسطين، توفر الدراسة إطارًا مرجعيًا لصانعي السياسات والدبلوماسيين والمنظمات الدولية والجهات الفاعلة في المجتمع المدني بشأن تحليل قانوني شامل وموثوق يمكّن من اتخاذ قرارات مستنيرة والدعوة والسعي لتحقيق العدالة.

تناول هذه الدراسة سؤالين مركزيين:

أولًا، تتساءل الدراسة عما إذا كانت إجراءات الضم بحكم الواقع وبحكم القانون المتخذة من قبل إسرائيل، والاستيطان المستمر والاحتلال طويل الأمد للأرض الفلسطينية –الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وقطاع غزة – تجعل الاحتلال غير شرعي بموجب القانون الدولي. ثانيًا، تبحث الدراسة في السؤال الذي تطرحه الآثار المترتبة على ثبوت احتلال غير مشروع. إذا كان من الممكن أن يصبح الاحتلال غير شرعي، فما هي العواقب القانونية التي ستلحق بجميع الدول وبالأمم المتحدة، مع الأخذ في الاعتبار، من بين أمور أخرى، قواعد ومبادئ القانون الدولي، بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، ميثاق الأمم المتحدة؛ اتفاقية جنيف الرابعة؛ القانون الدولي لحقوق الإنسان؛ قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان ذات الصلة؛ فتوى محكمة العدل الدولية الصادر في 9 يوليو 2004؟

تثبت الدراسة أن هناك سببين واضحين في القانون الدولي يحددان متى يمكن تصنيف الاحتلال الحربي على أنه غير شرعي:

أولًا، عندما ينجم الاحتلال الحربي عن استخدام محظور للقوة يرقى إلى مستوى العمل العدواني، فإن هذا الاحتلال يعتبر غير شرعي منذ بدايته. ثانيًا، عندما يكون الاحتلال الحربي ناتجًا عن استخدام مسموح به للقوة دفاعًا عن النفس بموجب المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة، ولكن يتم تنفيذه بعد ذلك بشكل يتجاوز مبادئ وقواعد القانون الإنساني الدولي وينتهك القواعد القطعية للقانون الدولي، فإن سلوك الاحتلال قد يرقى إلى مستوى الاستخدام غير الضروري وغير المتناسب للقوة دفاعًا عن النفس.

وتبحث الدراسة في انتهاكات إسرائيل لقواعد القانون الدولي القطعية، وحظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة، والحق في تقرير المصير، وحظر التمييز العنصري والفصل العنصري، باعتبارهما مؤشرًا على أن إدارة الاحتلال تنتهك مبادئ ضرورة وتناسب استخدام القوة في الدفاع عن النفس.

طبيعة الاحتلال الحربي:

تناولت الدارسة في هذا الجزء مقدمة موضوعية للطبيعة القانونية للاحتلال الحربي والنهج المتباين الذي تتبعه إسرائيل تجاه احتلال فلسطين. وإذ يقوم بذلك، فإنه يدرس على نطاق واسع المبادئ التي تقوم عليها القوانين التي تحكم الاحتلال الحربي، ويعرض نظرية الاحتلال الحربي على أنه غير شرعي بموجب قانون الحرب، كما يسلط الضوء على الممارسات الدولية والاجتهاد القضائي الذي يصنّف الاحتلال الحربي على أنه غير شرعي بموجب قانون مسوِّغات الحرب. علاوة على ذلك، تعرض الدراسة المبادئ الأساسية لسياسات ومواقف إسرائيل الرسمية بشأن طبيعة الاحتلال الحربي لفلسطين، ومشروعها الاستيطاني، وضمها للأرض الفلسطينية.

ترسي القوانين التي تحكم الاحتلال الحربي عددًا من المبادئ المهمة، بما في ذلك طابع الاحتلال، مؤقتًا كان أو فعليًا بحكم الأمر الواقع، كما ورد في المادة 42 من لوائح لاهاي (1907) التي تنص على أن “الأرض تُعتبَر محتلة عندما توضع فعليًا تحت سلطة الجيش المعادي”. وبالتالي، على الرغم من أن السلطة الحكومية قد تكون “معطلة مؤقتًا أو مقيدة إقليميًا” أثناء الاحتلال الحربي، فإن “الدولة تظل نفس الشخص الدولي”. ومن ثم، فإن قوة الاحتلال لا تكتسب السيادة على الأراضي المحتلة، بل إنها ملزمة بإدارة الأراضي مع الموازنة بين المصالح الفضلى للسكان الخاضعين للاحتلال ومصالح الضرورة العسكرية، بموجب مبدأ المحافظة الذي يفرض قيودًا. ومن الجدير بالذكر أن هذه الدراسة تسلط الضوء على مواقف السلطات الرائدة في القانون الدولي التي تعتبر أن ممارسة “الاحتلال المطول” ارتبطت باحتلالات لا تزيد مدتها على أربع أو خمس سنوات، مثل احتلال ألمانيا لبلجيكا لمدة أربع سنوات خلال الحرب العالمية الأولى، أو احتلال ألمانيا للنرويج لمدة خمس سنوات خلال الحرب العالمية الثانية. ويشير المقرر الخاص السابق للأمم المتحدة مايكل لينك إلى أن الاحتلالات الحديثة المتوافقة مع مبادئ قانون الاحتلال لم تتجاوز 10 سنوات، بما في ذلك الاحتلال الأمريكي لليابان، واحتلال الحلفاء لألمانيا الغربية، واحتلال العراق الذي قادته أمريكا.

وأن اعتبار الاحتلال الحربي غير شرعي لا يقتصر على إسرائيل. على سبيل المثال، رأت محكمة العدل الدولية في القضية المتعلقة بالأنشطة المسلحة على أراضي الكونغو (2005)، أن احتلال أوغندا لإيتوري “ينتهك مبدأ عدم استخدام القوة في العلاقات الدولية ومبدأ عدم التدخل”. وفي الوقت نفسه، أدان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة “الاحتلال العراقي غير الشرعي” للكويت، و”الإدارة غير المشروعة” لجنوب أفريقيا في ناميبيا. وفي غضون ذلك، دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة الدول الثالثة إلى “عدم الاعتراف بشرعية الوضع الناتج عن احتلال أراضي جمهورية أذربيجان” وأدانت البرتغال “لإدامة احتلالها غير الشرعي” لغينيا بيساو. وعلى نحو مماثل، أدانت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان "استمرار احتلال فيتنام غير الشرعي لكمبوتشيا". وفي عام 1977، أعربت الجمعية العامة عن قلقها العميق “لكَون الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967 لا تزال، لأكثر من عشر سنوات، تحت الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي، ولأن الشعب الفلسطيني، بعد ثلاثة عقود، لا يزال محروماً من ممارسة حقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف”. وبالمثل، تشير ديباجات القرارات المتعاقبة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة إلى “التأثير الشديد للاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي المستمر بجميع مظاهره”.

وأخيرًا، يختتم هذا الجزء بعرض سياسات إسرائيل ومواقفها من طبيعة إدارتها للأرض الفلسطينية، وشرعية المستوطنات، وضمها للقدس. فعلى سبيل المثال، ترى وزارة الخارجية الإسرائيلية أن هناك “مطالبات متنافسة” على الضفة الغربية “يجب حلها في مفاوضات عملية السلام”، بما في ذلك المستوطنات.  ومع ذلك، رأت محكمة العدل العليا الإسرائيلية، في قضية المجلس الإقليمي لساحل غزة ضد الكنيست الإسرائيلي، أن “النظرة القانونية لجميع الحكومات الإسرائيلية” هي أن “إسرائيل تسيطر على المناطق في إطار احتلال حربي”. ومع ذلك، فإن إسرائيل لا تطبق اتفاقية جنيف الرابعة (1949) على الأراضي المحتلة لأنها لم يتم دمجها في قانونها المحلي؛ ومن الناحية السياسية أيضًا، تعترض إسرائيل على تطبيق الاتفاقية بناءً على نظريتها حول “السيادة المفقودة”. وفي غضون ذلك، تعتبر إسرائيل القدس المحتلة “العاصمة الأبدية غير المقسمة لإسرائيل” وتوضح أن القدس “أعيد توحيدها” في عام 1967 “نتيجة لحرب الأيام الستة التي شنها العالم العربي ضد إسرائيل”.

 

شرعية الاحتلال:

في هذا الجزء قدمت الدراسة سببين منفصلين بموجب قانون مسوِّغات الحرب حيث يمكن اعتبار الاحتلال الحربي غير شرعي، سواء منذ بدايته أم بداية من مرحلة لاحقة من الاحتلال:

أولًا، الاحتلال الناشئ عن عمل عدواني يعتبر غير شرعي منذ بدايته. وتنص المادة 2 (4) من ميثاق الأمم المتحدة على أن “يمتنع جميع الأعضاء في علاقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة، أو على أي وجه آخر لا يتفق مع مقاصد الأمم المتحدة”.  وقد تنشأ المسؤولية الجنائية عن أعمال الاحتلال العدوانية؛ على سبيل المثال، اعتبرت المحكمة العسكرية الدولية في نورمبرغ أن النمسا “محتلة وفق خطة عدوان مشتركة”.

ثانيًا، قد يتم تنفيذ الاحتلال الحربي بطريقة ترقى إلى استخدام غير ضروري وغير متناسب للقوة في الدفاع عن النفس. وهنا يوفر الاجتهاد القضائي لمحكمة العدل الدولية إرشادات مفيدة بشأن التناسب. على سبيل المثال، في قضية نيكاراغوا، رأت محكمة العدل الدولية أن “رد فعل الولايات المتحدة في سياق ما اعتبرته دفاعًا عن النفس، قد استمر لفترة طويلة بعد الفترة التي كان من المعقول التوخي فيها هجومًا مسلحًا مفترضًا من جانب نيكاراغوا”. علاوة على ذلك، فيما يخص مسألة الأسلحة النووية، اقترحت محكمة العدل الدولية أن استخدام القوة يجب أن يحترم “على وجه الخصوص مبادئ وقواعد القانون الإنساني” ليكون استخدامًا مشروعًا للقوة في الدفاع عن النفس. وتشير هذه الدراسة إلى أن انتهاك سلطة الاحتلال لمبادئ وقواعد القانون الإنساني الدولي والقواعد القطعية للقانون الدولي يشكل مؤشرا قويا على أن استخدام القوة غير متناسب. وتشمل هذه الانتهاكات ضم الأراضي بحكم الواقع وبحكم القانون، والاستيلاء غير المشروع على الأراضي من خلال استخدام القوة، والحرمان من حق تقرير المصير، وإدارة الأراضي المحتلة انتهاكاً لحظر التمييز العنصري والفصل العنصري.

بعد تحديد السببين للاحتلال غير الشرعي بموجب قانون مسوِّغات الحرب، تبحث الدراسة، كسبب منفصل ولاحق لعدم الشرعية، في انتهاك قوة الاحتلال لحق فلسطين الخارجي في تقرير المصير كأرض تحت الانتداب. وتنص المادة 1 (2) من ميثاق الأمم المتحدة على حق الشعوب في تقرير مصيرها، وهو قاعدة آمرة من قواعد القانون الدولي تفرض على الدول التزامات ذي حجية مطلقة تجاه الكافة. إن حق تقرير المصير له صدى خاص بالنسبة للأراضي الخاضعة للانتداب، التي يُنظر دولياً إلى حقها في تقرير المصير بمثابة “أمانة مقدسة” حتى الاستقلال الكامل. ومن هذا المنطلق، لا يمكن اعتبار أن العملية الاستعمارية قد انتهت تمامًا إلا بعد ممارسة سكان المستعمرة حق تقرير المصير. وتشكل الفتوى بشأن جنوب غرب أفريقيا المثال الرائد للاحتلال غير الشرعي للأراضي الخاضعة للانتداب، والذي تعتبره محكمة العدل الدولية غير شرعي منذ بدايته. ومع ذلك، في حين أن جنوب غرب أفريقيا كان منطقة تحت الانتداب، وبقيت تحت الاحتلال بعد انتهاء الانتداب، فإنه يمكن تمييزها عن فلسطين، التي هي أرض تحت الانتداب خاضعة لاحتلال حربي في سياق نزاع مسلح دولي. ومع ذلك، إذا تمت إدارة الاحتلال بطريقة تحرم الشعب من ممارسة حقه في تقرير المصير والسيادة الخارجية، فيمكن اعتبار ذلك أيضًا انتهاكًا لـ “الأمانة المقدسة”. وحسب الظروف التي تؤدي إلى انتهاك الحق في تقرير المصير، يمكن أن يكون الاحتلال غير شرعي سواء منذ بدايته أو في مرحلة ما بعد ذلك.

 

الأدلة الداعمة للاستنتاج بأن الاحتلال الإسرائيلي أصبح غير شرعي:

يقدم هذا الجزء من الدراسة الأساس الواقعي لدعم الاستنتاج بأن الاحتلال الإسرائيلي غير شرعي. تقدم الدراسة أدلة واضحة ومقنعة على أن إسرائيل هي من هاجمت مصر أولًا، في عمل عدواني، مما جعل الاحتلال المترتب عن ذلك غير شرعي منذ بدايته. وفي اجتماع مجلس الأمن حول هذا الموضوع في عام 1967، تم رفض حجة الدفاع الاستباقي عن النفس باعتبارها تتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة. واستندت إسرائيل في حججها في الدفاع عن النفس إلى سببين:

الأول، أن الحصار الذي فرضته مصر على مضيق تيران كان بمثابة عمل عدواني؛ وثانيًا، أن الأعمال التي قامت بها جاءت ردًا على هجمات عبر الحدود شنتها طوابير مدرعة مصرية. ولكن الحصار الذي فرضته مصر على مضيق تيران كان في الأساس حصارًا مصريًا على بحرها ردًا على تهديد بهجوم من إسرائيل، وهو يختلف عن “حصار الموانئ أو السواحل” الإسرائيلي. وكما يشير شوارزنبرجر، فإن “المادة 51 من الميثاق تسمح بالتحضير للدفاع عن النفس”. وتشمل التدابير التحضيرية التي تتخذها الدولة للدفاع عن النفس تدابير احترازية خاصة في مياهها الإقليمية. ومع ذلك، نشرت وزارة الخارجية الإسرائيلية علنًا أنها هاجمت مصر بشكل استباقي، قائلة: “استبقت إسرائيل الهجوم الحتمي، فضربت القوات الجوية المصرية بينما كانت طائراتها لا تزال على الأرض”. ونظرًا لحظر الضربات الاستباقية، فإن الهجوم الإسرائيلي على مصر قد يرقى إلى مستوى الاستخدام غير المشروع للقوة، مما يجعل الاحتلال اللاحق غير شرعي.

وتتناول الدراسة كذلك انتهاك إسرائيل لثلاثة قواعد قطعية للقانون الدولي كمؤشرات على أن الاحتلال الحربي يُدار بطريقة تنتهك مبدأي الضرورة والتناسب للدفاع عن النفس:

أولًا، تثبت الدراسة أن إسرائيل ضمّت القدس الشرقية في عام 1967، بحكم القانون من خلال إقرار قانون البلديات (تعديل رقم 6)، 5727-1967؛ ثم، في عام 1980، بموجب قانونها شبه الدستوري “قانون أساس: القدس”، ادعت إسرائيل دستوريًا أن المدينة هي “عاصمة إسرائيل”، مما يدل على العداء للاستحواذ على الأراضي بشكل دائم. وتخلص الدراسة كذلك إلى أن إسرائيل قامت بحكم الأمر الواقع بضم المنطقة (ج) من الضفة الغربية. في عام 1967، أشار المستشار القانوني لوزارة الخارجية الإسرائيلية، في برقية سرية، إلى أسباب الضم التي جعلت إسرائيل غير قادرة على تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة (1949): “يتعيّن علينا أن نترك جميع الخيارات مفتوحة فيما يتعلق بالحدود، ويجب ألا نعترف بأن وضعنا في الأراضي الخاضعة للإدارة هو ببساطة وضع قوة احتلال”. على مدى عقود، نفذت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة خططًا رئيسية لاستيطان الضفة الغربية. وبحلول عام 1992، من أصل 70 ألف هكتار من الأرض الفلسطينية في المنطقة (ج)، لم يتبق سوى 12 في المائة للتنمية الفلسطينية بعد أن استولت عليها إسرائيل باعتبارها “أراضي الدولة”. وفي الوقت نفسه، غيرت إسرائيل التركيبة السكانية للمنطقة (ج) بشكل جذري، حيث قامت بنقل أكثر من 500 ألف مستوطن يهودي إسرائيلي – وهو إجراء لا رجعة فيه وله عواقب دائمة، ويدل على التعبير عن السيادة. وفي الوقت نفسه، تطبق إسرائيل عددًا من قوانينها المحلية مباشرة على الضفة الغربية، بما في ذلك قانون التعليم العالي وقانون محكمة الشؤون الإدارية.

ثانيًا، إن سلوك إسرائيل في إدارة فلسطين المحتلة، والذي يتسم بالطبيعة المطولة للاحتلال وسياساتها وخططها لبناء المستوطنات، يدل بشكل أكبر على انتهاك حق تقرير المصير. إذا أخذنا في الاعتبار المدة الطويلة للاحتلال الإسرائيلي الحربي، حيث مضى الآن حوالي 56 عامًا على صدور قرار مجلس الأمن رقم 242 (1967) الذي يدعو إلى “الانسحاب”، وبعد 45 عامًا من اتفاقيات كامب ديفيد التي أنهت النزاع مع مصر، وبعد 29 عامًا من اتفاق السلام مع الأردن، فمن الواضح أن التهديد الأولي المزعوم الذي دفع إسرائيل إلى اللجوء إلى القوة للدفاع الوقائي عن النفس قد انتهى تماماً وبلا رجعة. وفي الوقت نفسه، أدى تقسيم إسرائيل للممتلكات الفلسطينية غير المنقولة إلى مستوطنات سكنية وزراعية وصناعية وسياحية، ومحميات طبيعية وأثرية، ومناطق إطلاق نار عسكرية، إلى الاستيلاء على أكثر من 100 ألف هكتار من الأرض الفلسطينية الخاصة والعامة، وهدم أكثر من 50 ألف منزل فلسطيني منذ عام 1967. ويمكن القول أن تغيير إسرائيل للحقائق على الأرض، ومحو الوجود الفلسطيني، والتدخل في العملية الديمقراطية، إنما يؤدي إلى تقويض قدرة فلسطين على البقاء كدولة مستقلة، من خلال إنكار الحق الجماعي للشعب الفلسطيني في تقرير المصير.

ثالثًا، هناك حاليًا اعتراف متزايد بأن إسرائيل تنفذ سياسات وممارسات تمييزية ضد الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر. والجدير بالذكر أن إسرائيل تمنح الحقوق لليهود الإسرائيليين وتميّز بشكل منهجي ضد الفلسطينيين. فقانون حيازة الأراضي 5713-1953، على سبيل المثال، يسهل نقل ملكية الأرض الفلسطينية المصادَرة إلى مؤسسات الدولة الإسرائيلية المختلفة، بما في ذلك هيئة التنمية. ويتم تمكين المنظمات شبه الحكومية، مثل الوكالة اليهودية والمنظمة الصهيونية العالمية، لممارسة التمييز المادي، بما في ذلك منح الأرض الفلسطينية المصادرة لليهود الإسرائيليين. وفي الوقت ذاته، يمكن لليهود الإسرائيليين المطالبة بملكية العقارات السكنية الفلسطينية في القدس الشرقية المحتلة بموجب قانون الشؤون القانونية والإدارية (1970). إن السعي إلى هندسة أغلبية ديموغرافية يهودية وتقليص وإبعاد الفلسطينيين قد تقدّمت به الحكومات المتعاقبة. وبموجب قانون العودة الإسرائيلي (1950)، “يحق لكل يهودي أن يأتي إلى هذا البلد بصفة أوليه” (بصفة مهاجر جديد) ويتم منح الجنسية الإسرائيلية “لكل يهودي يعرب عن رغبته في الاستقرار في إسرائيل”. وفي الوقت نفسه، هناك حوالي سبعة ملايين لاجئ فلسطيني محرومون من حقهم في العودة، بما في ذلك 450 ألف فلسطيني نزحوا كلاجئين خلال النكسة التي أعقبت حرب الأيام الستة عام 1967. وتشير هذه الممارسات، من بين أمور أخرى، إلى أن إسرائيل تدير الأرض الفلسطينية المحتلة في ظل نظام من التمييز العنصري والفصل العنصري المنهجيين.

ويخلص القسم إلى أن انتهاك إسرائيل لحظر الضم، والحرمان من ممارسة حق تقرير المصير، وتطبيق نظام الفصل العنصري في فلسطين المحتلة قد يكون مؤشرًا على إدارة غير شرعية سيئة النية للأرض المحتلة، انتهاكًا لمبادئ الفورية والضرورة والتناسب للدفاع عن النفس. ثم تبحث الدراسة في الآثار المترتبة على الاحتلال بسوء نية على ممارسة حق الشعوب الخارجي في تقرير مصيرها. ونظرًا لوضع فلسطين باعتبارها أرضًا خاضعة للانتداب سابقًا، لا يزال على المجتمع الدولي التزام دولي، باعتباره “أمانة مقدسة” تجاه الشعب الفلسطيني، “بعدم الاعتراف بأي تغيير أحادي الجانب في وضع الأرض”. وفي الفتوى بشأن جنوب غرب أفريقيا، تم الاستغناء بشكل إيجابي على فكرة عودة الأراضي، سواء التي كانت محتلة أو التي كانت خاضعة للانتداب سابقًا، إلى وضعها الاستعماري. وأوضحت محكمة العدل الدولية أن “قبول ادعاء حكومة جنوب أفريقيا بخصوص هذه النقطة كان يستلزم إعادة الأراضي الخاضعة للانتداب إلى الوضع الاستعماري، واستبدال نظام الانتداب بالضم، وهو الأمر الذي تم استبعاده بشكل حازم في عام 1920. والأهم من ذلك، أنه تم الاعتراف بالوضع في فلسطين كحالة “تتعلق بحق تقرير المصير للشعوب الواقعة تحت السيطرة الاستعمارية أو الأجنبية” والتي لم تتم تسويتها بعد. ومن هذا المنطلق، فإن الاحتلال الإسرائيلي سيء النية للأرض الفلسطينية التي يتعامل معها على أنها “إقليم متنازع عليه” و “يفتقد السيادة”، وعمليات الضم العديدة بحكم القانون وبحكم الواقع، وتغيير التركيبة الديموغرافية والمشاريع الاستيطانية، من بين انتهاكات أخرى، ينتهك حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وفي السيادة باعتبار الإقليم تحت الانتداب.

 

الالتزام بإنهاء الاحتلال غير الشرعي:

يُلزم القانون الدولي المتعلق بمسؤولية الدول إسرائيل بوقف الأفعال غير المشروعة دولياً وتقديم “التأكيدات والضمانات المناسبة بعدم التكرار”. ومن الجدير بالذكر أن محكمة العدل الدولية رأت أن جنوب أفريقيا ملزَمة “بسحب إدارتها من إقليم ناميبيا”، وبالمثل، شجعت في تشاغوس على إنهاء الإدارة البريطانية لأرخبيل تشاغوس “في أسرع وقت ممكن”. بالنسبة لفلسطين، فإن الرد المناسب يمكن أن يتخذ شكل إطلاق سراح السجناء السياسيين الفلسطينيين؛ إعادة الممتلكات، بما في ذلك الممتلكات الثقافية التي استولت عليها سلطات الاحتلال؛ وتفكيك المستوطنات الإسرائيلية غير المشروعة في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية؛ رفع الحصار عن قطاع غزة؛ وتفكيك نظام الفصل العنصري المؤسسي القائم على القوانين والسياسات والممارسات التمييزية؛ وتفكيك إدارة الاحتلال. ونظرًا لعدم تنفيذ إسرائيل للفتوى السابقة بشأن بناء جدار الضم، فإن التأكيدات والضمانات بعدم التكرار قد لا تكون علاجًا كافيًا. وقد يكون من الضروري أيضًا إنشاء لجنة تحكيم محايدة للنظر في المطالبات الجماعية الناشئة عن عواقب الانتهاكات التي ترتكبها سلطة الاحتلال. والجدير بالذكر أن دراسة أجراها مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية عام 2019 خلصت إلى أن التكلفة المالية التراكمية التي يتحملها الاقتصاد الفلسطيني بسبب الاحتلال الإسرائيلي خلال الفترة 2000-2019 تقدر بنحو 58 مليار دولار أمريكي. وفي قطاع غزة، قدرت التكاليف الاقتصادية للاحتلال في الفترة 2007-2018 بنحو 16.7 مليار دولار. إن استغلال الموارد الطبيعية ومنع تطويرها كلّف الاقتصاد الفلسطيني 7.162 مليار دولار أمريكي على مدى 18 عامًا من عائدات الغاز من بحر غزة و67.9 مليار دولار أمريكي من عائدات النفط من حقل مجد النفطي في رَنْتِيس. وإجمالًا، تقدر الخسائر التي تكبدتها فلسطين منذ عام 1948، بأكثر من 300 مليار دولار.

وتُظهر الدراسة أن الاحتلال الإسرائيلي غير الشرعي وانتهاكاته للمعايير القطعية للقانون الدولي له عواقب دولية، وأن الدول الثالثة والمجتمع الدولي ملزمون بوضع حد للإدارة غير الشرعية للأراضي المحتلة. ومن خلال القيام بذلك، تُبرز هذه الدراسة متطلبات الإنهاء الكامل للاحتلال وإنهاء الاستعمار في الأرض الفلسطينية، بدءً بالانسحاب الفوري وغير المشروط والكامل لقوات الاحتلال الإسرائيلية وتفكيك الإدارة العسكرية. ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن الانسحاب، باعتباره إنهاء فعل غير مشروع دوليا، لا يمكن أن يكون موضوعًا للتفاوض. وينبغي تنفيذ العقوبات والتدابير المضادة الكاملة، بما في ذلك القيود الاقتصادية وحظر الأسلحة وقطع العلاقات الدبلوماسية والقنصلية، على الفور، كرد فعل تجاه الكافة من جانب الدول الثالثة والمجتمع الدولي على انتهاكات إسرائيل الخطيرة لقواعد القانون الدولي القطعية. ويجب على المجتمع الدولي أن يتخذ خطوات فورية نحو إعمال الحقوق الجماعية للشعب الفلسطيني، بما في ذلك اللاجئين والمنفيين في الشتات، بدءً بإجراء استفتاء تحت إشراف الأمم المتحدة، للشروع في استكمال عملية إنهاء الاستعمار.

وحثّ قرار مجلس الأمن 2334 (2016) بشكل خاص على بذل جهود دولية ودبلوماسية دون تأخير “لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967”. ومع ذلك، يبدو أن هذه الجهود الدبلوماسية منذ التسعينيات مبنية على صيغة “الأرض مقابل السلام” المشكوك فيها، والتي إذا تم استخدامها لحرمان السكان الفلسطينيين المحميين من حقوقهم غير القابلة للتصرف في تقرير المصير والسيادة الدائمة على الموارد الوطنية، فإنها ستشكل أيضًا عملاً غير مشروع دوليًا. وعليه، فإن التزام الدولة بالانسحاب من الأراضي المحتلة بشكل غير مشروع هو التزام غير مشروط وفوري ومطلق. وتتضمن قرارات الجمعية العامة شروطًا مهمة لـ “الانسحاب الكامل وغير المشروط” لإسرائيل، بمعنى أن الانسحاب لا يجب أن يكون موضوعًا للتفاوض، بل هو بالأحرى إنهاء الفعل غير المشروع دوليًا.

 

الخلاصة:

خلصت الدراسة إلى أن خارطة الطريق الأكثر تبصّرًا لإنهاء الاحتلال وإنهاء الاستعمار في الأرض الفلسطينية تأتي في شكل نسيج غني من توصيات الدول الثالثة والتوصيات الدولية المقدمة في قضيتي شاغوس وناميبيا. ومن الواضح أيضًا أن القانون العام المتعلق بمسؤولية الدول عن الانتهاكات الجسيمة للقواعد القطعية للقانون الدولي يمكن أن يستمد من قرارات مجلس الأمن “كفكرة عامة تنطبق على جميع الحالات الناجمة عن انتهاكات جسيمة”، بما في ذلك حظر المساعدة أو المساعدة في الحفاظ على النظام غير الشرعي. ومن الطبيعي أن المحكمة الأنسب لفحص مشروعية الاحتلال هي محكمة العدل الدولية. وسواء كان الاحتلال غير شرعي منذ بدايته أو أصبح غير مشروع، فإن العواقب يجب أن تكون الانسحاب الفوري وغير المشروط والكامل للقوات العسكرية الإسرائيلية؛ انسحاب المستوطنين؛ وتفكيك النظام الإداري العسكري، مع تعليمات واضحة بأن الانسحاب بسبب ارتكاب فعل غير مشروع دوليًا لا يخضع للتفاوض. وينبغي القيام بإجراءات جبر كامل ومتناسب لفائدة الأفراد والشركات والكيانات الفلسطينية عن الأضرار التي لحقت بالأجيال والناجمة عن مصادرة إسرائيل للأراضي والممتلكات، وهدم المنازل، ونهب الموارد الطبيعية، والحرمان من العودة، وغيرها من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي تم التخطيط لها من أجل تحقيق الأهداف الاستعمارية والتوسعية لمحتل غير شرعي.

____________

شرعية الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، لجنة الجمعية العامة للأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، 27 نوفمبر 2023، https://2u.pw/dj3zMKX

رابط ملف الدراسة كاملة

أكد أستاذ القانون الدولي أحمد أبو الوفا أن مشاركة مصر في الرأي الاستشاري الذي طلبته الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية حول السياسات والممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ليس له علاقة بالدعوى التي أقامتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام المحكمة.

وأن الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا تعلقت بنقطة واحدة، وهي إبادة الجنس، وفقا لاتفاقية 1948 التي تبنتها الجمعية العامة والخاصة بمنع جريمة إبادة الجنس والمعاقبة عليها، وهذه نقطة في بحر".

وأضاف "لكن الرأي الاستشاري الذي طلبته الجمعية العامة في عام 2022، حتى قبل تنفيذ عملية طوفان الأقصى في أكتوبر الماضي (هجوم حركة حماس على بلدات إسرائيلية متاخمة لقطاع غزة)، يخص آثار الاحتلال العسكري والوجود الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة".

وتابع قائلًا "هذا الاحتلال العسكري سيتم بحثه من عدة نقاط، وهي ضرورة إنهاء هذا الاحتلال وعدم تهجير الفلسطينيين وعدم إقامة مستوطنات، فكل أثر من آثار هذا الاحتلال يجب أن يزول".

واحتلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، وهي أراضي فلسطينية، في حرب عام 1967. وانسحبت إسرائيل من غزة عام 2005، غير أنها ما زالت تسيطر على حدود القطاع الساحلي الضيق.

وطلبت الأمم المتحدة في 2022 رأيًا استشاريًا من محكمة العدل الدولية حول الاحتلال الإسرائيلي، ومن المقرر أن تلقي أكثر من 50 دولة مرافعات أمام المحكمة في لاهاي حتى 26 فبراير شباط.

ومصر من بين الدول التي من المنتظر مشاركتها في جلسات الاستماع بجانب الولايات المتحدة والصين وروسيا وجنوب أفريقيا.

وقال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية ضياء رشوان يوم الأحد إن مصر ستقدم مرافعتها يوم 21 فبراير شباط. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية عن رشوان قوله إن المرافعة الشفهية ستتضمن تأكيد اختصاص محكمة العدل الدولية بنظر الرأي الاستشاري، ونظرًا لأن الأمر يتناول الأبعاد القانونية للمستوطنات الإسرائيلية غير المشروعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ومضى أبو الوفا قائلًا "مشاركة مصر في هذه المرافعات أمر ضروري نظرا للقرب الجغرافي والحدود المشتركة، كما أن مصر هي المعني الأول بالقضية الفلسطينية، وهي أكثر الدول التي شاركت في الحروب وتضررت من آثارها وتحملت أعباء اقتصادية ومالية وتجارية كثيرة".

وردا على سؤال حول أهمية الرأي الاستشاري الذي ستصدره محكمة العدل الدولية، قال أبو الوفا "سيترافع أمام المحكمة حوالي 52 دولة، وثلاث منظمات دولية، وغير مطلوب من المحكمة إصدار حكم، بل إصدار فتوى أو رأي استشاري حول القضايا الخاصة بهذا الاحتلال البغيض للأراضي الفلسطينية".

وأضاف "الرأي الاستشاري يختلف عن الحكم، حيث أنه غير ملزم أما الحكم فيكون ملزمًا، لكن عدم إلزامية هذا الرأي الاستشاري لا تعني أن ليس له جدوى أو فائدة".

وتابع قائلًا "سيكون له جدوى لأنه يصدر عن أعلى محكمة دولية، وستحدد لنا القواعد القانونية، وستقر أن هذه القواعد تنطبق على الاحتلال القائم للأراضي الفلسطينية، مما يثبت أركان الحق الفلسطيني، ويشكل صفعة قوية لدولة الاحتلال على وسلوكياتها تجاه هذا الشعب الضعيف".

وهذه هي ثاني مرة تطلب فيها الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية إصدار رأي استشاري حول الأراضي الفلسطينية المحتلة. وقالت المحكمة في 2004 إن الجدار العازل الذي تبنيه إسرائيل في الضفة الغربية ينتهك القانون الدولي ويجب تفكيكه.

________________

عمرو طه، أحمد ماهر، خبير قانوني لـAWP: مشاركة مصر في المرافعات أمام محكمة العدل الدولية ليس له علاقة بدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، وكالة أنباء العالم العربي، 20 فبراير 2024، https://2u.pw/wsxl1dn

في ظل العدواني الصهيوني الجاري والجائر على أهل غزة، وما يمارسه من جرائم بحق المدنيين الفلسطينيين العُزل بلا أي رادع أو متصد سوى المقاومة الفلسطينية في غزة بما مكنها الله به من أدوات وخطط وبخالص سواعدها وبصدق نيتها وقوة عزيمتها وصلابة إرادتها وصبرها ورباطها على الحق وردع الظلم؛ تحوطهم من خلفهم دعوات المسلمين.

فقد رأينا أنه من واجبنا ومن واقع عملنا أن نعد ملفًا يضم ما نشره الموقع من مادة علمية اعتنت بالمقاومة الفلسطينية من زاوية اهتمام الموقع، والتي استهدفت دراسة الأبعاد القانونية والتشريعية والمفاهيمية للصراع الفلسطيني (والعربي والإسلامي) الصهيوني بصفة عامة، والعدوان على غزة بصفة خاصة.

وجاءت محتويات الملف، على النحو الآتي:

 

أولا: في باب "مصطلحات ومفاهيم"

1. مفهوم المقاومة المسلحة، https://2u.pw/2JvShSi.

2. القانون الدولي الإنساني، https://2u.pw/ewrDLgx.

3. جريمة إبادة الجنس البشري (الإبادة الجماعية)، https://2u.pw/OCgUImO.

4. مفهوم الضرورة العسكرية في القانون الدولي,https://bit.ly/3Adqt8k 

5. جريمة التجويع, https://bit.ly/3YkceH8 

6. حق الدفاع عن النفس.. مفهومه وشروطه في القانون الدولي, https://bit.ly/4dOcpjD 

7. الدروع البشرية, https://bit.ly/3UgGS2V 

8. الاستدمار الاستيطاني, https://bit.ly/3A3pBTU 

 

ثانيا: في باب "دراسات ومقالات"

1. مشروعية المقاومة الفلسطينية، للأستاذة الدكتورة عائشة راتب، https://2u.pw/TMqB3Yj.

2. وثيقة: مفهوم الإرهاب والمقاومة… رؤية عربية – إسلامية، https://2u.pw/iePgZjw.

3. "الإرهاب في القانون الدولي والشريعة الإسلامية.. إشكالية المفهوم" للدكتور حازم علي ماهر، https://2u.pw/6IjY38R.

4. التدخل الدولي لمصلحة الشعوب بين القانون الدولي الإنساني ومنطق القوة "دراسة مقارنة بالشريعة الإسلامية" د. عثمان عبد الرحمن عبد اللطيف محمد، https://2u.pw/qOGqfbW.

 5. العدوان على غزة ... الحرب الثانية عشر، المستشار طارق البشري، https://2u.pw/tFaZieP

6. رؤية قانونية: القانون الدولي والمقاومة، د. محمد شوقي عبد العال، https://2u.pw/00GBTla.

7. الفئات المشمولة بحماية القانون الدولي الإنساني، د. أحمد أبو الوفا، https://2u.pw/U727Utt.

8. إسرائيل والقانون الدولي الإنساني: البحث عن إجابات في ظل حرب وحشية وقانونٍ مهمش، غسان الكحلوت-مني هدية، https://2u.pw/khOCwun.

9. المركز القانوني الدولي لحركات المقاومة في القانون الدولي المعاصر، د. هيثم موسي حسن، https://2u.pw/WKAX1dX.

10. انتهاك إسرائيل لقواعد القانون الدولي في فلسطين، أ. كيران لمياء، https://2u.pw/da7WwhG.

12. الحدود بين الإرهاب الدولي وحركات التحرر الوطني "وفقًا لأحكام القانون الدولي"، د. رمزي حوحو، https://2u.pw/PtCvYpB

13. إشكالية الخلط بين الإرهاب الدولي والمقاومة المسلحة (حالة المقاومة الفلسطينية)، الدكتورة آمنة أمحمدي بوزينة، https://2u.pw/DWyV8RB

14. هل تملك محكمة العدل الدولية وقف حرب غزة؟! "قراءة في فاعلية التدابير المؤقتة"، https://2u.pw/dG6cI30.

15. ثنائية المدني والعسكري بين الفقه والقانون الدولي، https://2u.pw/eQ8Fjm4.

16. أنور الهواري، ديمقراطية الإبادة الجماعية، https://2u.pw/hJ9tG4J 

17. شرعية الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية, https://bit.ly/3YuAjvV 

18. قضية الإبادة الجماعية في غزة: ملخص شامل لمعركة جنوب أفريقيا القانونية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية ... ملخص القضية والأسئلة الشائعة, https://bit.ly/3BL7xhG 

19. التعويل على محكمة العدل الدولية.. بين التهوين والتهويل!, https://bit.ly/4eNq63C 

 

 

ثالثا: في باب "الرسائل العلمية"

1. رسالة ماجستير بعنوان "الحصار وأثره على حقوق الإنسان: دراسة مقارنة بين الفكر الإسلامي والقانون الدولي- غزة نموذجًا"، للباحث سعيد العابد، https://2u.pw/OMgNslO.

2. الجرائم الواقعة على أسرى الحرب في الفقه الإسلامي والقانون الدولي- دراسة تأصيلية تطبيقية، للباحث عمر نسيل، https://2u.pw/dlPNtjW.

3. العنف الدولي وحق الشعوب في المقاومة بين الفقه الإسلامي والقانون الدولي العام، للباحثة صباح درامنة، https://hewarat.org/?p=4862.

4. حق الدفاع الشرعي في القانون الدولي: حالة النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، ممدوح محمد يوسف، https://2u.pw/lxfZlb6.

5. استخدام القوة في العلاقات الدولية بين القانون الدولي والشريعة الإسلامية، نوري صباح حميد، https://2u.pw/ESfDIMJ.

 6. حماية الأفراد والأعيان المدنية أثناء النزاع المسلح في الفقه الإسلامي والقانون الدولي الإنساني، أحمد سليمان أبكر، https://2u.pw/LRDmuv5.

7. المبادئ العامة الدولية والإنسانية في النزاعات المسلحة "دراسة مقارنة مع الشريعة الإسلامية"، مساعد راشد العنزي، https://2u.pw/9VPL5mR.

8. حماية ضحايا النزاع المسلح الدولي في ظل مبادئ الفقه الإسلامي وأحكام القانون الدولي الإنساني- دراسة مقارنة، حجاب نصر الدين، https://2u.pw/0CQaBjk.

9. حماية الصحفيين أثناء النزاعات المسلحة، د. باسم خلف العساف، https://2u.pw/sNv9mIj.

10. حماية ضحايا النزاع المسلح الدولي في ظل مبادئ الفقه الإسلامي وأحكام القانون الدولي الإنساني- دراسة مقارنة، حجاب نصر الدين، https://2u.pw/0CQaBjk

11. المبادئ العامة الدولية والإنسانية في النزاعات المسلحة "دراسة مقارنة مع الشريعة الإسلامية"، مساعد راشد العنزي، https://2u.pw/9VPL5mR

12، مفهوم تطبيق الشريعة الإسلامية: دراسة تأصيلية، عايض بن عبد العالي الشلوي، https://2u.pw/djecgul

13. حماية الصحفيين أثناء النزاعات المسلحة، د. باسم خلف عبدربه العساف، https://2u.pw/sNv9mIj

 

رابعا: باب "الكتب"

1. حق مقاومة الحكومات الجائرة في المسيحية والإسلام في الفلسفة السياسية والقانون الوضعي، للأستاذ الدكتور محمد طه بدوي، https://2u.pw/5uN0I14.

2. الأسانيد القانونية لحركات المقاومة في القانون الدولي، د. مصطفي أبو الخير، https://2u.pw/QUnTitu.

3. كتاب "كيف نقاضي إسرائيل؟"، د. سعيد طلال الدهشان، https://2u.pw/NDR4YVS.

4. مبدأ الضرورة العسكرية في الفقه الإسلامي وفي القانون الدولي الإنساني، بوبكر مصطفاوي، https://2u.pw/KkUTDBB

 

خامسًا: باب "الأخبار والتقارير"

1. ندوة «النزاع الحالي في غزة»: ما يحدث في فلسطين إبادة جماعية، جريدة السياسة الكويتية، https://2u.pw/829uoSS

2. كيف يكفل القانون الدولي حق المقاومة الفلسطينية ويفضح ازدواجية معايير الغرب؟، تي آر تي العربية، https://2u.pw/hrnYbyI.

3. رئيس الجمعية المصرية للقانون الدولي: المقاومة الفلسطينية ليست منظمات إرهابية، دي إم سي المصرية، https://2u.pw/m6BklOT

4. خبراء قانونيون: القانون الدولي يحمي سلاح المقاومة الفلسطينية، عوض الرجوب، الجزيرة نت، https://2u.pw/L6GPRLN.

5. خبير قانوني: مقاومة الاحتلال حق مكفول في المواثيق الدولية، https://2u.pw/lBSbccK.

6. جدلية المقاومة والإرهاب؛ والفرق بينهما وفق القانون الدولي، https://2u.pw/sYeJNs6.

7. العفو الدولية: إسرائيل انتهكت القانون الدولي وارتكبت جرائم حرب بغزة، https://2u.pw/QEHuxtG.

8. لجنة تحقيق أممية: الاحتلال الإسرائيلي مخالف للقانون الدولي، https://2u.pw/xqvRHbI.

9. خبيران قانونيان: حق الدفاع عن النفس لا ينطبق على إسرائيل في غزة، قيس أبو سمرة، https://2u.pw/hx9jGwn.

10. خبيران قانونيان: حق الدفاع عن النفس لا ينطبق على إسرائيل في غزة، قيس أبو سمرة، https://2u.pw/hx9jGwn

11. 7 أسئلة لفهم القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام العدل الدولية، https://2u.pw/4uqb6qg

 

سادسا: باب "وثائق وقوانين"

1. نص قرار محكمة العدل الدولية في لاهاي بشأن جدار الفصل العنصري، https://2u.pw/OffJSHQ.

2. اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، https://2u.pw/I7AGmCX

3. النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، https://2u.pw/QaUyZTr

 

سابعًا: باب "عروض ومراجعات"

1. حماية الصحفيين ووسائل الإعلام أثناء النزاعات المسلحة، تأليف: د. ماهر جميل أبو خوات، عرض: سمير محمد شحاتة، https://2u.pw/fBtOofE.

2حماية الصحفيين ووسائل الإعلام أثناء النزاعات المسلحة، تأليف: د. ماهر جميل أبو خوات، عرض: سمير محمد شحاتة، https://2u.pw/fBtOofE 

3. ثقافة المقاومة: المقاومــة في الخطاب الفقهي السياسي لسماحة آية الله الشيخ محمد مهدي شمس الدين, عبده إبراهيم, https://bit.ly/3A6aA3x 

 

 

ثامنًا: "حوارات وتفاعلات"

1. الفيلسوف المغربي طه عبد الرحمن: المقاومة الطوفانية حركة تحرر للإنسان والعالم، عبد الحكيم أحمين، https://2u.pw/O4pp6DZ.

 

تاسعا: المرئيات، 

1. ما هو الأساس الديني في حماية مقدمي الرعاية الصحية في الإسلام؟، https://2u.pw/LFgiTqu

2. هل يتعارض القانون الدولي الإنساني مع الشريعة الإسلامية؟، https://2u.pw/f5rHGCR

3. حماية المدنيين والأعيان المدنية وفق الشريعة الإسلامية، https://2u.pw/dAdEuc9

4. معاملة الجرحى والمرضى وفق الشريعة الإسلامية، https://2u.pw/zhVtVSE

5. "طوفان الأقصى وموقف محكمة العدل الدولية" ندوة للدكتور محمد سليم العوا, https://bit.ly/4dYLlOy 

 

وسنقوم بإضافة أي مادة جديدة سينشرها الموقع مجددًا حول موضوع الملف نفسه بإذن الله.

 

 

Post Gallery

الاجتهاد والإرشاد والاتحاد في فكر الشيخ محمد رشيد رضا وحركته الإصلاحية (1-2)*

الجمعية الدولية لعلماء الإبادة: سياسات إسرائيل في غزة ترقى إلى الإبادة الجماعية

أثر الفقه الإسلامي في القانون المدني الفرنسي*

قوانين الشريعة الإسلامية على المذاهب الأربعة: جهود لجنة تقنين الشريعة الإسلامية بمجلس الشعب المصري

المجاعة في غزة… إعلان أممي قد يجرّ قادة الاحتلال إلى المحاكمة

المرأة والتطور السياسي في الوطن العربي بين الواقع الحاضر وآفاق المستقبل*

حالة الاستثناء: الإنسان الحرام

خمسون مفكرًا أساسيًا معاصرًا: من البنيوية إلى ما بعد الحداثة*

الفقه الإسلامي: المصدر الرئيسي للتشريع*